الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **
فأجاب قائلًا: لا بأس أن تقول لفلان : "أرجوك" في شيء يستطيع أن يحقق رجاءك به. وكذلك "تحياتي لك". و"لك مني التحية". وما أشبه ذلك لقوله تعالى: فأجاب قائلًا: وجه الله أعظم من أن يسأل به الإنسان شيئًا من الدنيا ويجعل سؤاله بوجه الله - عز وجل - كالوسيلة التي يتوسل بها إلى حصول مقصوده من هذا الرجل الذي توسل إليه بذلك، فلا يُقْدِمَنَّ أحد على مثل هذا السؤال، أي لا يقل: وجه الله عليك أو أسألك بوجه الله أو ما أشبه ذلك. فأجاب بقوله: أما قول القائل: "آمنت بالله، وتوكلت على الله واعتصمت بالله" فهذا ليس فيه بأس وهذه حال كل مؤمن أن يكون متوكلًا على الله، مؤمنًا به، معتصمًا به. وأما قوله: (واستجرت برسول الله، صلى الله عليه وسلم) فإنها كلمة منكرة والاستجارة بالنبي، صلى الله عليه وسلم، بعد موته لا تجوز، أما الاستجارة به في حياته في أمر يقدر عليه فهي جائزة قال الله تعالى: فأجاب قائلًا: لا ينبغي أن يطلق القول بطول البقاء، لأن طول البقاء قد يكون خيرًا وقد يكون شرًا، فإن شر الناس من طال عمره وساء عمله، وعلى هذا فلو قال : أطال الله بقاءك على طاعته ونحوه فلا بأس بذلك. فأجاب بقوله: لا شك أن هذه العبارة لا تنبغي، وإن كان قائلها قد أراد التجوز فإن التجوز إنما يسوغ إذا لم يوهم معنى فاسدًا لا يليق به. والمعنى الذي لا يليق هنا أن يجعل الشيطان قبيلًا لله تعالى، وندًا له، وقرنًا يواجهه، كما يواجه المرء قرنه، وهذا حرام، ولا يجوز. ولو أراد الناطق به تنقص الله تعالى وتنزيله إلى هذا الحد لكان كافرًا، ولكنه حيث لم يرد ذلك نقول له: هذا التعبير حرام، ثم إن تعبيره به ظانًا أنه جائز بالتأويل الذي قصده فإنه لا يأثم بذلك لجهله، ولكن عليه ألا يعود لمثل ذلك. وأما قوله بعض العلماء الذي نقلت: "إن هذه العبارة كفر صريح" فليس بجيد على إطلاقه، وقد علمت التفصيل فيه. وأما تعليل القائل لحكمه بكفر هذا الخطيب أن ظاهر عبارته إثبات الحركة لله - عز وجل - فهذا التعليل يقتضي امتناع الحركة لله، وأن إثباتها كفر، وفيه نظر ظاهر، فقد أثبت الله تعالىلنفسه في كتابه أنه يفعل، وأنه يجيء يوم القيامة، وأنه استوى على العرش، أي علا عليه علوًا يليق بجلاله، وأثبت نبيه، صلى الله عليه وسلم، أنه ينزل إلى السماء الدنيا في كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول :من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ واتفق أهل السنة على القول بمقتضى ما دل عليه الكتاب والسنة من ذلك غير خائضين فيه، ولا محرفين للكلم عن مواضعه، ولا معطلين له عن دلائله. وهذه النصوص في إثبات الفعل، والمجيء، والاستواء، والنزول إلى السماء الدنيا إن كانت تستلزم الحركة لله فالحركة له حق ثابت بمقتضى هذه النصوص ولازمها، وإن كنا لا نعقل كيفية هذه الحركة، ولهذا أجاب الإمام مالك من سأله عن قوله تعالى: وقد تكلم شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في كثير من رسائله في الصفات على مسألة الحركة، وبين أقوال الناس فيها، وما هو الحق من ذلك، وأن من الناس من جزم بإثباتها، ومنهم من توقف، ومنهم من جزم بنفيها. والصواب في ذلك: أن ما دل عليه الكتاب والسنة من أفعال الله تعالى، ولوازمها فهو حق ثابت يجب الإيمان به، وليس فيه نقص ولا مشابهة للخلق، فعليك بهذا الأصل فإنه يفيدك، وأعرض عما كان عليه أهل الكلام من الأقيسة الفاسدة التي يحاولون صرف نصوص الكتاب والسنة إليها ليحرفوا بها الكلم عن مواضعه، سواء عن نية صالحة أو سيئة. فأجاب قائلًا: السلام الوارد هو أن يقول الإنسان: "السلام عليك"، أو "سلام عليك"، ثم يقول بعد ذلك ماشاء من أنواع التحيات، وأما "مساك الله بالخير". و"صبحك الله بالخير"، أو "الله بالخير". وما أشبه ذلك فهذه تقال بعد السلام المشروع. وأما تبديل هذا بالسلام المشروع فهو خطأ. وأما البداءة بالسلام بلفظ: "عليك السلام" فهو خلاف المشروع لأن هذا اللفظ للرد لا للبداءة. فأجاب: القول بأن الله غير مادي قول منكر، لأن الخوض في مثل هذا بدعة منكرة، فالله تعالىليس كمثله شيء، وهو الأول الخالق لكل شيء وهذا شبيه بسؤال المشركين للنبي، عليه الصلاة والسلام، هل الله من ذهب أو من فضة أو من كذا وكذا؟ وكل هذا حرام لا يجوز السؤال عنه وجوابه في كتاب الله: فأجاب بقوله: لا يجوز أن يقول الإنسان مثل هذا التعبير بالنسبة لله ـ عز وجل ـ ولكن له أن يقول: إن الله ـ سبحانه وتعالى ـ حكم لا يظلم أحدًا، وإنه ينتقم من الظالم، وما أشبه هذه الكلمات التي جاءت بها النصوص الشرعية، أما الكلمة التي أشار إليها السائل فلا أرى أنها جائزة. فأجاب قائلًا: موضعها ليس بصحيح لأن هذا يجعل النبي، صلى الله عليه وسلم، ندًا لله مساويًا له، ولو أن أحدًا رأى هذه الكتابة وهو لا يدري من المسمى بهما لأيقن يقينًا أنهما متساويان متماثلان، فيجب إزالة اسم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ويبقى النظر في كتابة: "الله" وحدها، فإنها كلمة يقولها الصوفية، ويجعلونها بدلًا عن الذكر، يقولون: "الله الله الله"، وعلى هذا فتلغى أيضًا، فلا يكتب "الله"، ولا "محمد" على الجدران، ولا في الرقاع ولا في غيره. فأجاب بقوله: قوله: "الله ورسوله أعلم" جائز. وذلك لأن علم الرسول من علم الله، فالله تعالىهو الذي يعلمه ما لا يدركه البشر ولهذا أتى بالواو. وكذلك في المسائل الشرعية يقال: "الله ورسوله أعلم"، لأنه، صلى الله عليه وسلم، أعلم الخلق بشريعة الله، وعلمه بها من علم الله الذي علمه كما قال الله تعالى: ففي الأمور الشرعية يقال : "الله ورسوله أعلم" وفي الأمور الكونية لا يقال ذلك. ومن هنا نعرف خطأ وجهل من يكتب الآن على بعض الأعمال فأجاب فضيلته بقوله: هذه العبارة صحيحة، والله ـ سبحانه وتعالى ـ قد يهين العبد ويذله، وقد قال الله تعالى في عذاب الكفار: إنهم يجزون عذاب الهون بما كانوا يستكبرون في الأرض، فأذاقهم الله الهوان والذل بكبريائهم واستكبارهم في الأرض بغير الحق. وقال: فأجاب بقوله: هذه العبارة: (الله يسأل عن حالك) لا تجوز لأنها توهم أن الله تعالى يجهل الأمر فيحتاج إلى أن يسأل، وهذا من المعلوم أنه أمر منكر عظيم، والقائل لا يريد هذا في الواقع لا يريد أن الله يخفى عليه شيء، ويحتاج إلى سؤال، لكن هذه العبارة قد تفيد هذا المعنى، أو توهم هذا المعنى، فالواجب العدول عنها، واستبدالها بأن تقول: "أسأل الله أن يحتفي بك"، و"أن يلطف بك"، وما أشبهها. فأجاب بقوله: الإقسام على الله أن يقول الإنسان : والله لا يكون كذا وكذا، أو والله لا يفعل الله كذا وكذا والإقسام على الله نوعان: أحدهما: أن يكون الحامل عليه قوة ثقة المقسم بالله ـ عزوجل ـ وقوة إيمانه به مع اعترافه بضعفه وعدم إلزامه الله بشيء فهذا جائز ودليله قوله، صلى الله عليه وسلم: النوع الثاني: من الإقسام على الله: ما كان الحامل عليه الغرور والإعجاب بالنفس وأنه يستحق على الله كذا وكذا، فهذا والعياذ بالله محرم، وقد يكون محبطًا للعمل، ودليل ذلك أن رجلًا كان عابدًا وكان يمر بشخص عاصٍ لله، وكلما مر به نهاه فلم ينته، فقال ذات يوم: والله لا يغفر الله لفلان ـ نسأل الله العافيةـ فهذا تحجر رحمة الله، لأنه مغرور بنفسه فقال الله ـ عزوجل ـ: فأجاب قائلًا: التسمي بالإمام أهون بكثير من التسمي بشيخ الإسلام لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، سمى إمام المسجد إمامًا ولو لم يكن معه إلا واحد، لكن ينبغي أن لا يتسامح في إطلاق كلمة "إمام" إلا على من كان قدوة وله أتباع كالإمام أحمد وغيره ممن له أثر في الإسلام، ووصف الإنسان بما لا يستحقه هضم للأمة، لأن الإنسان إذا تصور أن هذا إمام وهذا إمام ممن لم يبلغ منزلة الإمامة هان الإمام الحق في عينه. فأجاب فضيلته بقوله: هذا حرام، ولا يحل لأحد أن يسمي زوجته أم المؤمنين، لأن مقتضاه أن يكون هو نبيًّا، لأن الذي يوصف بأمهات المؤمنين هن زوجات النبي، عليه الصلاة والسلام، وهل هو يريد أن يتبوأ مكان النبوة وأن يدعو نفسه بعد بالنبي؟ بل الواجب على الإنسان أن يتجنب مثل هذه الكلمات، وأن يستغفر الله تعالى مما جرى منه. فأجاب: قول القائل: "يا عبدي"، "يا أمتي"، ونحوه له صورتان: الصورة الأولى: أن يقع بصيغة النداء مثل: يا عبدي، يا أمتي، فهذا لا يجوز للنهي عنه في قوله، صلى الله عليه وسلم: الصورة الثانية: أن يكون بصيغة الخبر وهذا على قسمين: القسم الأول: إن قاله بغيبة العبد، أو الأمة فلا بأس فيه. القسم الثاني: إن قاله في حضرة العبد أو الأمة، فإن ترتب عليه مفسدة تتعلق بالعبد أو السيد منع وإلا فلا، لأن القائل بذلك لا يقصد العبودية التي هي الذل، وإنما يقصد أنه مملوك له وإلى هذا التفصيل الذي ذكرناه أشار في (تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد) في باب لا يقول: عبدي وأمتي. وذكره صاحب فتح الباري عن مالك. فأجاب بقوله: إذا قال ذلك رجل حر وأراد أنه حر من رق الخلق، فنعم هو حر من رق الخلق، وأما إن أراد أنه حر من رق العبودية لله - عز وجل - فقد أساء في فهم العبودية، ولم يعرف معنى الحرية، لأن العبودية لغير الله هي الرق أما عبودية المرء لربه - عز وجل - فهي الحرية، فإنه إن لم يذل لله ذل لغير الله، فيكون هنا خادعًا نفسه إذا قال: إنه حر يعني إنه متجرد من طاعة الله، ولن يقوم بها.
|